يفترض أن تعقد حركة « النهضة » التونسية مؤتمرها الحادي عشر خلال شهرين، أو بعد شهر رمضان (إبريل/ نيسان المقبل) مباشرة. هذا القرار اتخذ منذ المؤتمر العاشر، وأكده رئيس الحركة راشد الغنوشي أخيراً، عندما أعلن أن اللجنة التحضيرية قد شرعت في أعمالها. لكن مهما كان تاريخ هذا المؤتمر، فإن أفراد الحركة وأنصارها يشعرون بأنه سيكون حدثاً مغايراً لجميع المؤتمرات السابقة، بحكم كونه سيتعرض للأزمة الداخلية الحادة التي تمر بها « النهضة » منذ فترة طويلة.

وعلى الرغم من أنه قد تم نظرياً حسم مغادرة الغنوشي منصبه، بسبب قرب نهاية الآجال القانونية لترؤسه الحركة، فإن البعض لا يزال يبحث عن صيغة ما يتم من خلالها الالتفاف حول قرار مُلزم في حركة احترمت نسبياً قوانينها الداخلية لفترة طويلة. وليس مستبعداً أن يتم تأخير تحديد تاريخ عقد المؤتمر، بانتظار التوصل إلى صيغة توافقية من شأنها التحكم في الخلافات الداخلية. وهناك من يرى أن المعارضة القائمة حالياً ضد الغنوشي، والفريق الملتف حوله، لا تستند إلى رؤى وبدائل فكرية وسياسية مغايرة جوهرياً لما تتبناه « النهضة » الآن. ويضيف أصحاب هذا الرأي أن ما يحدث حالياً يتمحور حول صراع مواقع وبحث عن كيفية إدارة السلطة داخل حركة « النهضة ». وهذا يعني أنه في حال عدم التوصل إلى حسم هذا الأمر بصيغة توافقية، تأخذ بالاعتبار مصالح الأطراف المتناقضة، فإن الأزمة يمكن أن تفضي  إلى حصول انقسام.

لا تزال أمام النهضويين فرصة لحماية حركتهم من التصدع والانهيار، رغم أن حجم المخاطر يكبر يوماً بعد يوم. فالاستقالات التي حصلت لأسباب مختلفة، أخيراً، وشملت الأمين العام السابق زياد لعذاري، إلى جانب قيادات شبابية هامة ونوعية، من شأنها أن تُشعر النهضويين بأن ما هو قادم قد يكون أشد وطأة عليهم. وهناك محاولات متواصلة من أجل احتواء الأزمة، والدفع بالأجواء داخل الحركة نحو ديناميكية جديدة قادرة على تحويل المسارات وتعديل الأولويات الداخلية.