« صــلّوا في رِحَــالــكــم »

( إلي كل من عاصر ذلك الوباء )

أزيحــوا عن الأفـــق تـلك « الكـِمامَــةْ »
لنلـمــح في وَجْــنَـتَـيْـه ابــتـســــامَـةْ

لـتــلك الـمَـــشـــاهـد راوٍ حَـكِـــــيــــم
يـلخّـص أحــداث يـــوم القــــيـامـــةْ

يـفـــرُّ الأشّـــقــــاء عــــــنــد اللّــــقاء
و يَنـبذ ذو العشـقِ – قَهراً – غَـــرامَــهْ

هــو الخوف سـجنـك « فالزم رحالكْ »
و إلا سَــــتَـجـْتَـرّ مُـــرَّ المــلامَـــــــة ْ

فما عــاد صُــبحــك يُـبــدى ســروراً
و ما عــاد لَيْــلك يَهـــوَى زِحــامَــهْ

إلهــي أجِـــرْنا إذا مـا فَـــزِعْــــــنـــا
و قـد أنـفـذَ الرعــبُ فــيــنا سِـــهامَـــهْ

بــحــقّ المريـــض الـذي أنْــهَكَــتْــهُ
قــيــود التـــنـفّـس تُــشـقِى عــظـامَــهْ

و حــقّ الطـبيب الـذى خـارَ عَــزماً
و ألـقَى على الأرض – وَهْناً – حطامَهْ

بِحــقّ المُــريــد الذى ذابَ شــوْقـــا ً
لِـشَــدْوِ الصّــلاةِ و صَـدْح الإقــامـــــةْ

يَتـُـوق إلى البيت في رَكــب حـــجٍّ
ليَغـســل بالدّمع – شَوْقاً – رُخَـــامَــــهْ

إلــهي عَـهِـدْنا مع العٌـــسر يُـسْــراً
فَـهـل صَـبّ سُــخط الزمـان انـــتقامَـهْ

وهــــل تُـــهلك القــريةَ المــسـتبدّةْ
و قــد أدْركَ المُتْـرَفـُــون العـــلامَـــةْ؟

إذا باحَ بالشَـجْـوِ جـرْس الكنـائـس
و طاف المطارات وَجْــــهُ القَـــتامَــةْ

و قَــد أنفـذَ الدَّاء صَـبر الحُـــــدودْ
و بـــــدًّل قـانــونها في صَـــرامَــةْ

فلا فَــرْقَ في الهــمّ بـين البـــلاد
ولا بــين عــبد بـســيـط و قـــامَــــةْ

و لا يَـفْـقـه العــلمُ أصـلَ البــلاءْ
و لم يـدرِ أيّ حــــكـيم خــتـامَـــــــــهْ

إلــهي شَــقِـــيـنا بِسَــبْـعٍ عِـجــافٍ
و لم يــدّخــرْ أيُّ راعٍ طــــعــــامَــــهْ

فهــل مِــن قَــليـلٍ مـن السُــنبـلاتْ
و هل من « عـــزيـزٍ » يُــرِيـنَا مـــقامَـهْ

إلــهي أعــــزّ الــورَى بالشِّــــــفاءْ
فعِـــنـد الذبـــول تضيــــع الكـــــرامَةْ

أجِـــرْنَـا إذا شـــاع فيـــــنا الوبــاء
و ألقَى علَى الجِــسم – جَـمْـراً – سقـامَــهْ

إذا مـا تَــمَــرّد سَــــيْــلُ الــشَّهِـيــق
و أعــلَنَ نَــبـْـضُ الـقــلوب اعــتصامَــهْ

فَطَمْـئِـنْ صـدوراً بَــدَتْ تــستـغيـثْ
مِــن المَــوت يُـنْــفِـــذُ فـيها حُـــســامَـــهْ

فـآوَتْ لتـــوجيــــهِ جَــدٍّ خَــصِـــيب
و قَــدْ أنـــبَـتَ الهــمُّ مــنـها كـلامَــــــهْ

عَـــن المُـثْـقَـلِـين بصَعْـب الحَـيــاة
و هُـــم شَــاكـرون لِطِــيب الإقَـــامَــــــةْ

عــن القانـعــين بخُـــبْـزِ الـوَفَــــاء
عـن السَّـتـر و الصّـِحّة المُـــسْـتــَـدَامَـــةْ

هُـوَ العَـبْـد أَيْقَــنَ زَيْـفَ الطُّـمـوح
و أَوْجَــزَ ما يَـســـتـحــقّ اهْــتـــمامَـــــهْ

لِـيَـلـــفِــظ أُكْـــذوبـة الأمــنـيـــاتْ
و لا يــطــلـب الـيــوم غَــيْــر السلامَـةْ.

د. عصام خليفة