في واقعة أغرب من الخيال إمتثل الصحفيين رفيق الدريدي وحليم الجريري الأمس الأربعاء أمام باحث البداية بالإدارة الفرعية للقضايا الإجرامية مع إمكانية العودة و الإتجاه إلى النيابة العمومية بتهمة « هضم جانب موظف عمومي » تهمة كفيلة أن تقلب الحق باطلا والأبيض أسودا والعدل ظلما والنور ظلاما .

تعود أحداث الواقعة إلى ليلة الأحد الفارط تحديدا في تقاطع شارع خير الدين باشا مع شارع محمد الخامس بالعاصمة، حيث كادت سيارة شرطة أن تتسبب بحادث مرور لولا أقدار الله بسبب عدم احترامها الضوء الأحمر و غياب الإنارة وحتى صفارات الإنذار التي من شأنها أن تنذر بقدومها، الأمر الذي سبب حالة إرتباك و إستنكار لدى الصحفيين الذين عبروا عن امتعاضهم من سلوك الأمن، لتقف سيارة الشرطة و تعتبر الإستنكار إهانة لا تغتفرلتنهال عليهم الشتائم من كل صوب وحدب، متعللين بأن لهم الحق في خرق القانون متى شاؤوا على حد تعبيرهم .

تحويل الشاكي إلى متهم

تحول الصحفيين رفيق الدريدي و حليم الجريري من شاكيين إلى مشتكى بهم و تم إستدعاهم للإدارة الفرعية للقضايا الإجرامية بتهمة  » هضم جانب موظف عمومي » الأمر الذي يطرح عديد الأسئلة حول اشكاليات الفصل 125 من « المجلة الجزائية (قانون العقوبات) ففي هذا السياق وثقت هيومن رايتس ووتش سلسلة من القضايا التي رُفعت ضدّ أشخاص كانوا قد رفعوا دعاوى – أو عبروا عن نيتهم فعل ذلك – ضدّ أعوان أمن يُزعم أنهم أهانوهم أو احتجزوهم تعسفا أو اعتدوا عليهم. الأشخاص الذين يزعمون التعرض لانتهاكات قد يواجهون تهمة « هضم جانب (إهانة) موظف عمومي… حال مباشرته لوظيفته » التي تصل عقوبتها إلى السجن لمدة سنة بموجب الفصل 125 من « المجلة الجزائية »

يكاد الإفلات من العقاب أن يصبح قاعدة

دعت عديد القوى التقدمية البرلمان التونسي إلى ضرورة تنقيح الفصل 125 من المجلة الجزائية لأنه يُهدّد حقوق الإنسان بطرق شتى.
لا يوجد في القانون التونسي تعريف لما يُمكن اعتباره « هضم جانب » بموجب هذا الفصل، ما يسمح للسلطات بتأويله بشكل فضفاض لتجريم التعبير المشروع. إضافة إلى ذلك، فإن تطبيق هذا القانون بشكل تعسفي يمنع المواطنين من ممارسة حقهم في السعي إلى الانتصاف عندما يعتقدون أن الشرطة أساءت معاملتهم .

تحتاج الديمقراطية الوليدة في تونس إلى التشجيع على رفع دعاوى مُبرّرَة ضدّ سلوك الشرطة في حال تجاوزت صلاحياتها او تصرفت بطريقة تعسفية، وليس العقاب على هذه الدعاوى فالجميع سواسية أمام القانون .

و من هذا المنطلق تؤكد أسرة جريدة الرواق تضامنها اللامشروط مع الصحفيين رفيق الدريدي و حليم الجريري .